الثلاثاء، 18 يناير 2011

الغربــة وهموم الوطن لدى المغـترب اليمني!!

مررت بكابينة اتصالات فوجدت طوابير من البشر مصطفة أمام هذه الكابينة تذكرني بتلك الأيام السوداء .. أيام الطوابير التي كان المواطن اليمني يقفها أمام الجمعيات التعاونية في ظل الحكم الشمولي قبل الوحدة اليمنية المباركة.
قادني فضولي للاستطلاع! نعم إنه حب الاستطلاع لدى الإنسان.. فأوقفت سيارتي جانباً وترجلت منها متوجها صوب تلك الطوابير،  وعند وصولي إلى نهاية الطابور وجدت وجوهاً شاحبة سمراء، فعرفت أنها الوجوه اليمانية. فقـلت في نفسي ما سر هذه الطوابير؟ سالت احد الأخوة لماذا كل هذه التجمعات؟ فرد قائلا:  يشتوا يتصلوا إلى البلاد يا خبير.. يطمئنوا على الأهل.
ورغم انتشار الهواتف النقالة ( الجوال) إلا أنها لم تف بالغرض لدى المواطن اليمني .. هكذا هو الشوق إلى الوطن والأهل والأحباء، والحنين إليهم . فلسـان حال المغترب اليمني مهما تغرب وابتعد عن الوطن إلا انه يظل حاملا هموم الوطن محتفظا بحبه في دمائه وقلبه.. فحب الوطن من الإيمان..
كلمة طالما رددها أبناء اليمن وهي كلمة تقال:  في المناسبات فيقال: في الأوطان لمن أردت تهنئته بالمناسبة، وأبناء محافظة حضرموت الحبيبة يقولون: القابلة في الوطن إنشاء الله. كلمتان لهما معنى واحد لدى المغترب اليمني.  التمني وليس غير التمني. أن تكون المناسبة القادمة في الوطن..  هواجس المغترب اليمني كثيرة واحلامه كبيرة والوطن في مخيلاته لا تفارقه دقيقة من عمره, ولكن عوامل الزمن وقسوة الغربة تفقد المغترب اليمني الإدراك الحقيقي في اتخاذه للقرار المناسب!! لماذا؟ لأنه شارد الذهن ومشتت الفكر، هل هو يمني؟ أم هو مغترب؟
ماذا يصنفه القانون اليمني؟ هل له حقوق المواطنة والعيش في الوطن اليمني؟ أم أنه قد كتب عليه شقاء الاغتراب وعذاب التشرد؟ وكيف ينظر إليه المجتمع في بلاد المهجر وفي الوطن الأصل؟ وهل حقوقه مصانة وإنسانيته محترم ؟ وهل له الحق في التعليم في المدارس والجامعات الوطنية أم انه مجرد مواطن في الاحتياط أو لنقول تكملة عدد؟
هذه الأسئلة تطارد المواطن اليمني في بلاد الاغتراب ليلا ونهارا فلم يجد لها الإجابة- خاصة عندما يصطدم بالواقع الملموس.. فمثلا عندما يشد الرحال ويحزم الأمتعة عائداً إلى الوطن، حاملاً أحلاماً سعيدة وآمالاً عريضة في العودة إلى الوطن للاستقرار وقضاء ما تبقى من عمره في ربوع الوطن الحبيب الذي أفتقده كثيراً وأفتقد حبه له وحنانه وتشوق كثيرا للعيش تحت سمائه وشمسه، ولكن وما أدراك ما لكن؟  لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها وحوش من بشر، تهدر كل ضمائر البشر، وتذيب الصخر وتحرق الشجر.. إنهم سماسرة الفساد وأعداء الاقتصاد وسرطان التنمية اليمنية .
أسطول من المفسدين نراهم في مفاصل الدولة والمجتمع حتى المرافق التابعة للقطاع الخاص لم يسلم هو الأخر منهم بل أن هؤلاء المفسدين الظالمين لم يكتفوا بما قاموا  ويقومون به داخل الوطن بل امتدت أياديهم الخبيثة إلى خارج الوطن وبدءوا يصدرون خبراتهم إلى خارج الوطن اليمني، يقودون عصابات التهريب وبيع البشر والسطو على مقدرات الوطن الحبيب اليمن السعيد، ومن هنا أتساءل: هل عدنا إلى أيام بيع العبيد وتجارة الرقيق في سوق عكاظ واليمامة وغيرها..؟
شاهدنا الكثير  وعايشنا  أكثر في بلاد  الاغتراب، وجروح الوطن تنـزف دماً غالياً في ظل غياب الطبيب المتخصص لوقف هذا النزيف.. الدم اليمني فَقِدَ تَخثُره فأين هم الجراحون؟ نعم إن الورم الخبيث الذي أصيب به الوطن لم تنفع معه اليوم العقاقير والمهدءات ولا المسكنات الطبية ! إن هذا المرض بحاجة إلى من يستأصله من مواضعه في عملية جراحية جريئة وكبيرة , وتحتاج إلى طاقم طبي متمكن وماهر يتم اختيار اعضائه من أطباء متخصصون في جراحة أمراض السرطان والأورام الخبيثة وأمراض الدم التي دائما ما تصاب به الأوطان. نعم من ينظر إلى حال اليمن وما وصلت إليه وينظر إلى أبناء اليمن في كثير من البلدان بالتأكيد سوف يشفق عليهم كثيرا رحمتاً بهم وبما هم فيه لماذا؟  لأن المواطن اليمني من بين مواطني الدول الأخرى تجده حاملا هموم الوطن فوق رأسه ويتمنى لو انه يمتلك عصى موسى وملك سليمان ليقلب الطاولة على رأس الفساد والمفسدين..
هل الفساد والمفسدين قد أصبحوا اليوم إخطبوطاً؟ أم أنه سرطان انتشر في الجسم اليمني ويصعب اليوم علاجه، ولا بد من تدخل جراحي لاستئصاله؟ أين نحن اليوم من دعوة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح المباركة لمحاربة الفساد والمفسدين وطوابير خفافيش الظلام؟ لماذا يحارب المغترب اليمني في وطنه؟ ولماذا يتعمد البعض تطفيشه في أروقة الدوائر الحكومية ومرافق الدولة المختلفة؟ ولماذا يوهم بأنه  عضو غير مرغوب به في وطنه؟ ولماذا يحرم من استثمار أمواله في وطنه؟ وما هي الفائدة وهل الأجنبي أهم من ابن الوطن؟
أسأله كثيرة وكبيرة لا يستطيع الإجابة عنها أحدا حتى سائلها نفسه في حيرة لا يجد الإجابة عنها !! إذن ما العمل؟هنا نقف أمام شيء واحد وهو العودة إلى الله بالدعاء و من ثم إلى قائد المسيرة اليمانية المظفرة الأخ المشير / علي عبد الله صالح رجل المواقف الصعبة وهو الوحيد الذي يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة عملياً وإذا قال فعل..
نعم إن أقوال الأخ الرئيس علي عبد الله صالح دائماً تقرن بالأفعال إننا نتمنى أن يجد الطاقم الطبي المتخصص في جراحة أورام السرطان الخبيثة ليوكل له إجراء عمليات جراحية لكل الأورام السرطانية الخبيثة التي ا صيب بها الوطن اليمني نظير ما قاموا به أبطالها.من عباقرة الفساد المتخصصين في إذلال الوطن الداعين إلى استمرار الحال على ما هو عليه.
اليمن مليئة بالوطنين الشرفاء ولكنهم لم يجدوا لهم الفرصة بل لم تتح لهم فرصة العمل لأجل التصحيح فالحرس القديم ممن ينتمون إلى عالم توريث الوظيفة لا يمكن أن يتنازلوا عن نظرياتهم التي تقول: الوظيفة حق مكتسب ،وللموظف الحق في توريثها لأبنائه وعشيرته من بعده حتى قيام الساعة ، وهكذا الفساد أيضا أصبح متوارثا أبا عن جد !
إذا: ماذا نتمنى على الأخ الرئيس علي عبد الله صالح ؟ إننا نتمنى منه أن يقود ثورة لا هوادة لها ضد الفساد والمفسدين والقضاء على نظريات توريث الوظيفة، والعمل على إرساء قاعدة الكفاءة والمؤهلات العلمية. أي{ علمية الوظيفة، و لـيـس وراثية الوظيفة}.
إننا نتمنى منه أن يفعلها قبل إن يستفحل أمرها وتصبح قاعدة يستند عليها المفسدين، فاستمرار الأخ الرئيس علي عبد الله صالح في نهجه الوطني الديمقراطي هو استمرار للتنمية والإصلاح المالي والإداري. وهذا ما لا ترغب به المعارضة والتي رأينا موقفها من قانون محاربة الفساد يوم أمس في مجلس النواب فصاحب المصلحة لا يحب إن يكون هناك صوت يقول لا للفساد فاستمرار الوضع على ما هو علية لا يجوز مطلقاً، والمعيار العلمي يجب إن يكون هو قياس تولي الوظيفة العامة في يمن 22 مايو1990م ... هل يعقل أن يكون مدير عام في مصلحة أو وزارة  لا يحمل حتى شهادة الصف الثالث ابتدائي؟ في حين أن الموظف البسيط يحمل شهادة علمية بدرجات عالية. إنها معادلة صعبة جدا!
المدير يقود عالم من الأمراض الإدارية بجهالة أو بقصد لأجل إبقاء الأمور تحت السيطرة كما يقولون, والموظف الذي سهر الليالي والأيام حتى حصل على مؤهله العلمي حالماً أن يعود ليساهم في صنع غداً مشرقاً لوطنه. يعود فيصطدم بطابور من موظفي نظرية التوريث. يتداولون الكرسي فيما بينهم، فكلما ذهبت أمة جاءت أممٌ غيرها ومن نفس الفصيلة ومعها فيروس المرض الإداري القاتل.
 تحدثنا مع الكثير ممن زاروا الوطن بقصد الاستثمار بل الاستقرار، ولكننا وجدنا عندهم الكثير من الإحباط والتذمر والامتعاض من الشللية والسلالية والعصبية المناطقية التي تمارس في وطني الحبيب، حتى أن البعض يقول: والألم يعصره انه لا يستطيع استثمار أمواله في بلاد فيها كل شيء للقوي وكل شيء لابد أن يكون له حماية كيف؟
يقول: عندما ذهبت إلى اليمن لأجل الاستثمار ومن أول يوم بدأت اسأل فيها عن التسهيلات الممنوحة للمستثمر اليمني، والأجنبي على حد سواء ويقول : فوجئت بشخصية مهمة ممن ينتمون إلى عالم الوظيفة الوراثية يطلب مني أن يكون شريكاً بالحماية!!  فقلت له هذه نظرية جديدة في عالم الاقتصاد والمال! كيف شراكة بالحماية، لم افهم؟ قال: أنت مستثمر بالمال، وأنا مستثمر بتوفير الحماية لك ولمالك، وهذا يوفر لك الاطمئنان على مالك ونفسك.
أشياء غريبة تحدث في اليمن هكذا يقول: الأخ المستثمر وفعلاً عاد أدراجه من حيث أتى كيف يغامر في الاستثمار في وضع غير واضح المعالم وفيه هكذا مسئولين، وهكذا رجال يهدمون ولا يبنون؟ نحن نعرف انه هناك مسئولين يحملون على عاتقهم تنمية الوطن وتقدمة وتطوره ولديهم الاستعداد لأن يبذلون كل ما بوسعهم لأجل سعادة المواطن اليمني فهم الشرفاء الوطنيون ولكنهم يقابلون طوابير من خفافيش الظلام ممن ينتمون إلى نظرية الوظيفة الوراثية والمتماسكين فيما بينهم فلا يتركون فرصة تتيح لهم إلا واستغلوها.
ومن هنا تأت  الحاجة الملحة لمحاربة هذه الخفافيش الظلامية التي دائماً ما تعيش إلا في الظلام والسلاح الوحيد لمحاربتهم هو توفير الضوء وإزاحة الظلام بخفافيشه وأنا على ثقة بان هذا اليوم قد قرب موعده وان الأخ الرئيس علي عبد الله صالح حفظة الله سوف يضغط على زر الإضاءة معلنا انتهاء عهد الظلام بخفافيشه وانه سوف يستبدل نظرية الوظيفة الوراثية بنظرية العصر{الكفاءة العلمية والمساواة بين أبناء الوطن الواحد}. وان عهد الحماية قد ولا بلا رجعة وانه باستطاعة كل مستثمر أن يستثمر أمواله بحرية تامة واستقلالية وبعيداً عن الشراكة بالحماية!! فالدولة هي المسئولة عن توفير الحماية والأمن للجميع مواطنون ومستثمرون وموظفين فالأمن والجيش هما من يحمي الجميع !!
نحن ألان في عصر العولمة فالعالم أصبح قرية واحدة. فهل سنظل نقبع في العصور الحجرية؟ وهل سنبقى بعيدين عن العالم من حولنا؟ متى سنعلم أننا نعيش عصر الثورة المعلوماتية العلمية؟  ومتى سنعرف أن عصر الوظيفة الوراثية قد انتهى بعصر العولمة الحديثة؟ وأننا إذا ظللنا بهذه العقلية التي قوقعنا أنفسنا فيها فسنظل نعاشر التخلف طالما حيينا ؟ إنها قضية معقدة.  إنها قضية ضياع الضمير الوطني .. إنها قضية النفسيات المريضة بداء العظمة وداء الوجاهة وداء النفوذ والاحتماء بالقبيلة.. إنها قضية وطنية تتطلب من الجميع التفكير الجدي بها!
إلى متى سنبقى نغرد خارج السرب ؟ إنني على ثقة بان الوقت قد حان للتغير الروتيني الذي ورثناه. هذا الروتين الذي مل هو نفسه مننا، فلم يعد لدية القابلية لما نفعله  وأضحى يطالب بالرحيل من اليمن ولكن حراسه يأبون إلا إن يبقى بينهم حتى لا ؟؟؟؟!!
نحن لسنا ضد فئة لصالح فئة!! بل نحن ننادي بضرورة أن يأخذ كل يمني دوره. يجب علينا أن نُفَعِّل نظرية الرجل المناسب في المكان المناسب، ومتى حكمنا عقولنا وصحية ضمائرنا عندها ستكون لدينا ثقة في أنفسنا ونستطيع بعدها الوقوف ضد الفساد وعناصره وبشجاعة وثقة وسلاح الضمير الحي.. سلاح الوطنية الحقة . حتى عناصر الفساد أنفسهم سيجبرون على تغير أنفسهم.  عندما يكتشفون انه لا مكان لهم في مجتمع يمني  يتسلح بسلاح الوطنية والضمير اليقظ ، ويحتكم إلى نظرية الوظيفة العلمية، والكفاءة بدلاً من نظرية الوظيفة الوراثية.
إننا بحاجة إلى تفعيل نظرية الثواب والعقاب، وبحاجة إلى النداء بصوت عالي قائلين: إن عصر الحماية قد انتهى منذ عصور وان العقليات التي لا تزال  تختزل هذه الأفكار المتهالكة والمنقرضة ولم تبق إلا في عقولهم المريضة عليها إن تذهب إلى المصحات العقلية كي تشفى منه.
أن عصر الثورة الإدارية التي يقودها الأخ الرئيس علي عبد الله صالح حفظة الله هي الكفيلة وحدها بإزالة هذه الأمراض، وإنني على ثقة بأن صفوة أعضاء المؤتمر الشعبي العام سيعملون بجد ونشاط لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العام السابع الذي عقد في العاصمة التجارية عدن وسيعملون على تصحيح الانحراف في الحكومة، وتثقيف العقليات المريضة لأن عصر المجاملات لم يعد معمول به في زمن نحن بأشد الحاجة لأن تكون الأمانة الوظيفية هي التي تحكم العمل الوظيفي، وليست المجاملة في الوظيفة. فهنيئا لقائدنا العظيم الأخ المشير: علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمنية، وهنيئاً للمؤتمر الشعبي العام بمناسبة التصويت بالموافقة على قانون مكافحة الفساد في مجلس النواب هذا القانون الذي تُعلق الآمال الكبيرة علية في اجتثاث الفساد والمفسدين من يمن 22 مايو 1990م..

ليست هناك تعليقات: